حديث الامام الصادق عن خروج الحسين عليهما السلام

حجم الخط:

ذَكَرَ الْمُفِيدُ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي كِتَابِ مَوْلِدِ النَّبِيِ‏ ص وَ مَوْلِدِ الْأَوْصِيَاءِ ص بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي‏ عَبْدِ اللَّهِ‏ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ ع قَالَ‏ لَمَّا سَارَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ص مِنْ مَكَّةَ لِيَدْخُلَ الْمَدِينَةَ لَقِيَهُ أَفْوَاجٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْمُسَوِّمِينَ وَ الْمُرْدِفِينَ فِي أَيْدِيهِمُ الْحِرَابُ عَلَى نُجُبٍ مِنْ نُجُبِ الْجَنَّةِ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَ قَالُوا يَا حُجَّةَ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ بَعْدَ جَدِّهِ وَ أَبِيهِ وَ أَخِيهِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَدَّ جَدَّكَ رَسُولَ اللَّهِ ص بِنَا فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَ إِنَّ اللَّهَ أَمَدَّكَ بِنَا فَقَالَ لَهُمْ الْمَوْعِدُ حُفْرَتِي وَ بُقْعَتِيَ الَّتِي أُسْتَشْهَدُ فِيهَا وَ هِيَ كَرْبَلَاءُ فَإِذَا وَرَدْتُهَا فَأْتُونِي فَقَالُوا يَا حُجَّةَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنَا أَنْ نَسْمَعَ لَكَ وَ نُطِيعَ فَهَلْ تَخْشَى مِنْ عَدُوٍّ يَلْقَاكَ فَنَكُونَ مَعَكَ فَقَالَ لَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَيَّ وَ لَا يَلْقَوْنِي بِكَرِيهَةٍ أَوْ أَصِلَ إِلَى بُقْعَتِي.

وَ أَتَتْهُ أَفْوَاجٌ مِنْ مُؤْمِنِي الْجِنِّ فَقَالُوا لَهُ يَا مَوْلَانَا نَحْنُ شِيعَتُكَ وَ أَنْصَارُكَ فَمُرْنَا بِمَا تَشَاءُ فَلَوْ أَمَرْتَنَا بِقَتْلِ كُلِّ عَدُوٍّ لَكَ وَ أَنْتَ بِمَكَانِكَ لَكَفَيْنَاكَ ذَلِكَ فَجَزَاهُمْ خَيْراً وَ قَالَ لَهُمْ أَ مَا قَرَأْتُمْ كِتَابَ اللَّهِ الْمُنْزَلَ عَلَى جَدِّي رَسُولِ اللَّهِ ص فِي قَوْلِهِ‏ قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى‏ مَضاجِعِهِمْ‏ فَإِذَا أَقَمْتُ فِي مَكَانِي فَبِمَا يُمْتَحَنُ هَذَا الْخَلْقُ الْمَتْعُوسُ وَ بِمَا ذَا يُخْتَبَرُونَ وَ مَنْ ذَا يَكُونُ سَاكِنَ حُفْرَتِي وَ قَدِ اخْتَارَهَا اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ دَحَى‏ الْأَرْضَ وَ جَعَلَهَا مَعْقِلًا لِشِيعَتِنَا وَ مُحِبِّينَا تُقْبَلُ أَعْمَالُهُمْ وَ صَلَوَاتُهُمْ وَ يُجَابُ دُعَاؤُهُمْ وَ تَسْكُنُ شِيعَتُنَا فَتَكُونُ لَهُمْ أَمَاناً فِي الدُّنْيَا وَ فِي الْآخِرَةِ وَ لَكِنْ تحْضُرُونَ يَوْمَ السَّبْتِ وَ هُوَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ الذِي فِي آخِرِهِ أُقْتَلُ وَ لَا يَبْقَى بَعْدِي مَطْلُوبٌ مِنْ أَهْلِي وَ نَسَبِي وَ إِخْوَانِي وَ أَهْلِ بَيْتِي وَ يُسَارُ رَأْسِي إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ لَعَنَهُمَا اللَّهُ فَقَالَتِ الْجِنُّ نَحْنُ وَ اللَّهِ يَا حَبِيبَ اللَّهِ وَ ابْنَ حَبِيبِهِ لَوْ لَا أَنَّ أَمْرَكَ طَاعَةٌ وَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَنَا مُخَالَفَتُكَ لَخَالَفْنَاكَ وَ قَتَلْنَا جَمِيعَ أَعْدَائِكَ قَبْلَ أَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَقَالَ لَهُمْ ع وَ نَحْنُ وَ اللَّهِ أَقْدَرُ عَلَيْهِمْ مِنْكُمْ وَ لَكِنْ‏ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى‏ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ثُمَّ سَارَ حَتَّى مَرَّ بِالتَّنْعِيمِ فَلَقِيَ هُنَاكَ عِيراً تَحْمِلُ هَدِيَّةً قَدْ بَعَثَ بِهَا بُحَيْرُ بْنُ رَيْسَانَ الْحِمْيَرِيُّ عَامِلُ الْيَمَنِ إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَأَخَذَ ع الْهَدِيَّةَ لِأَنَّ حُكْمَ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ إِلَيْهِ وَ قَالَ لِأَصْحَابِ الْجِمَالِ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْطَلِقَ مَعَنَا إِلَى الْعِرَاقِ وَفَيْنَاهُ كِرَاهُ وَ أَحْسَنَّا مَعَهُ صُحْبَتَهُ وَ مَنْ يُحِبُّ أَنْ يُفَارِقَنَا أَعْطَيْنَا كِرَاهُ بِقَدْرِ مَا قَطَعَ مِنَ الطَّرِيقِ فَمَضَى مَعَهُ قَوْمٌ وَ امْتَنَعَ آخَرُونَ.

ثُمَّ سَارَ حَتَّى بَلَغَ ذَاتَ عِرْقٍ فَلَقِيَ بِشْرَ بْنَ غَالِبٍ وَارِداً مِنَ الْعِرَاقِ فَسَأَلَهُ عَنْ أَهْلِهَا فَقَالَ خَلَّفْتُ الْقُلُوبَ مَعَكَ وَ السُّيُوفَ مَعَ بَنِي أُمَيَّةَ فَقَالَ‏ صَدَقَ أَخُو بَنِي أَسَدٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ وَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ قَالَ الرَّاوِي ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلَ الثَّعْلَبِيَّةَ وَقْتَ الظَّهِيرَةِ فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَرَقَدَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَقَالَ قَدْ رَأَيْتُ هَاتِفاً يَقُولُ أَنْتُمْ تُسْرِعُونَ وَ الْمَنَايَا تُسْرِعُ بِكُمْ إِلَى الْجَنَّةِ فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ عَلِيٌّ يَا أَبَهْ أَ فَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ فَقَالَ بَلَى يَا بُنَيَّ وَ اللَّهِ الَّذِي إِلَيْهِ مَرْجِعُ الْعِبَادِ فَقَالَ يَا أَبَهْ إِذَنْ لَا نُبَالِي بِالْمَوْتِ فَقَالَ الْحُسَيْنُ ع جَزَاكَ اللَّهُ يَا بُنَيَّ خَيْرَ مَا جَزَى وَلَداً عَنْ وَالِدٍ ثُمَّ بَاتَ ع فِي الْمَوْضِعِ الْمَذْكُورِ فَلَمَّا أَصْبَحَ إِذَا بِرَجُلٍ مِنَ الْكُوفَةِ يُكَنَّى أَبَا هِرَّةَ الْأَزْدِيَّ قَدْ أَتَاهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ص مَا الَّذِي أَخْرَجَكَ عَنْ حَرَمِ اللَّهِ وَ حَرَمِ جَدِّكَ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ الْحُسَيْنُ ع وَيْحَكَ يَا أَبَا هِرَّةَ إِنَّ بَنِي أُمَيَّةَ أَخَذُوا مَالِي فَصَبَرْتُ وَ شَتَمُوا عِرْضِي فَصَبَرْتُ وَ طَلَبُوا دَمِي فَهَرَبْتُ وَ ايْمُ اللَّهِ لَتَقْتُلُنِي الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ وَ لَيُلْبِسَنَّهُمُ اللَّهُ ذُلًّا شَامِلًا وَ سَيْفاً قَاطِعاً وَ لَيُسَلِّطَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَنْ يُذِلُّهُمْ حَتَّى يَكُونُوا أَذَلَّ مِنْ قَوْمِ سَبَإٍ إِذْ مَلَكَتْهُمُ امْرَأَةٌ فَحَكَمَتْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَ دِمَائِهِمْ.

ثُمَّ سَارَ ع فَحَدَّثَ جَمَاعَةٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ وَ بَجِيلَةَ قَالُوا كُنَّا مَعَ زُهَيْرِ بْنِ الْقَيْنِ لَمَّا أَقْبَلْنَا مِنْ مَكَّةَ فَكُنَّا نُسَايِرُ الْحُسَيْنَ ع حَتَّى لَحِقْنَاهُ فَكَانَ إِذَا أَرَادَ النُّزُولَ اعْتَزَلْنَاهُ فَنَزَلْنَا نَاحِيَةً فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ نَزَلَ‏ فِي مَكَانٍ لَمْ نَجِدْ بُدّاً مِنْ أَنْ نُنَازِلَهُ فِيهِ فَبَيْنَا نَحْنُ نَتَغَذَّى مِنْ طَعَامٍ لَنَا إِذْ أَقْبَلَ رَسُولُ الْحُسَيْنِ ع حَتَّى سَلَّمَ ثُمَّ قَالَ يَا زُهَيْرَ بْنَ الْقَيْنِ إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنَ ع بَعَثَنِي إِلَيْكَ لِتَأْتِيَهُ فَطَرَحَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنَّا مَا فِي يَدِهِ حَتَّى كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ فَقَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ وَ هِيَ دَيْلَمُ بِنْتُ عَمْرٍو سُبْحَانَ اللَّهِ أَ يَبْعَثُ إِلَيْكَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ ص ثُمَّ لَا تَأْتِيهِ فَلَوْ أَتَيْتَهُ فَسَمِعْتَ مِنْ كَلَامِهِ فَمَضَى إِلَيْهِ زُهَيْرُ بْنُ الْقَيْنِ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ مُسْتَبْشِراً قَدْ أَشْرَقَ وَجْهُهُ فَأَمَرَ بِفُسْطَاطِهِ وَ ثَقَلِهِ وَ مَتَاعِهِ فَحُوِّلَ إِلَى الْحُسَيْنِ ع وَ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ يُصِيبَكِ بِسَبَبِي إِلَّا خَيْرٌ وَ قَدْ عَزَمْتُ عَلَى صُحْبَةِ الْحُسَيْنِ‏ ع لِأَفْدِيَهُ بِنَفْسِي وَ أَقِيَهُ بِرُوحِي ثُمَّ أَعْطَاهَا مَالَهَا وَ سَلَّمَهَا إِلَى بَعْضِ بَنِي عَمِّهَا لِيُوصِلَهَا إِلَى أَهْلِهَا فَقَامَتْ إِلَيْهِ وَ بَكَتْ وَ وَدَّعَتْهُ وَ قَالَتْ كَانَ اللَّهُ عَوْناً وَ مُعِيناً خَارَ اللَّهُ لَكَ أَسْأَلُكَ أَنْ تَذْكُرَنِي فِي الْقِيَامَةِ عِنْدَ جَدِّ الْحُسَيْنِ ع فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصْحَبَنِي وَ إِلَّا فَهُوَ آخِرُ الْعَهْدِ مِنِّي بِهِ.

ثُمَّ سَارَ الْحُسَيْنُ ع حَتَّى بَلَغَ زُبَالَةَ فَأَتَاهُ فِيهَا خَبَرُ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ فَعَرَّفَ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ تَبِعَهُ فَتَفَرَّقَ عَنْهُ أَهْلُ الْأَطْمَاعِ وَ الِارْتِيَابِ وَ بَقِيَ مَعَهُ أَهْلُهُ وَ خِيَارُ الْأَصْحَابِ...

ولَقِيَهُ الْفَرَزْدَقُ الشَّاعِرُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَ قَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ص كَيْفَ تَرْكَنُ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ وَ هُمُ الَّذِينَ قَتَلُوا ابْنَ عَمِّكَ مُسْلِمَ بْنَ عَقِيلٍ وَ شِيعَتَهُ.

قَالَ فَاسْتَعْبَرَ الْحُسَيْنُ ع بَاكِياً ثُمَّ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ مُسْلِماً فَلَقَدْ صَارَ إِلَى رَوْحِ اللَّهِ وَ رَيْحَانِهِ وَ جَنَّتِهِ وَ رِضْوَانِهِ أَمَا إِنَّهُ قَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ وَ بَقِيَ مَا عَلَيْنَا ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:

فَإِنْ تَكُنِ الدُّنْيَا تُعَدُّ نَفِيسَةً

 

فَإِنَّ ثَوَابَ اللَّهِ أَعْلَى وَ أَنْبَلُ‏

وَ إِنْ تَكُنِ الْأَبْدَانُ لِلْمَوْتِ أُنْشِئَتْ‏

 

فَقَتْلُ امْرِئٍ بِالسَّيْفِ فِي اللَّهِ أَفْضَلُ‏

     

وَ إِنْ تَكُنِ الْأَرْزَاقُ قِسْماً مُقَدَّراً

 

فَقِلَّةُ حِرْصِ الْمَرْءِ فِي السَّعْيِ أَجْمَلُ‏

وَ إِنْ تَكُنِ الْأَمْوَالُ لِلتَّرْكِ جَمْعُهَا

 

فَمَا بَالُ مَتْرُوكٍ بِهِ الْمَرْءُ يَبْخَل‏

 

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!